الأرق في السعودية: دراسة وطنية تكشف واقع النوم في المملكة وأبرز تحدياته
دراسة وطنية حديثة في السعودية تكشف أن أكثر من 21٪ من السعوديين يعانون من أعراض الأرق، وتسلط الضوء على العلاقة بين جودة النوم والصحة النفسية والجسدية.

الأرق في المملكة: دراسة وطنية تكشف أن واحدًا من كل خمسة سعوديين يعاني من اضطرابات النوم
كشفت دراسة وطنية حديثة عن اتجاه مقلق يتعلق بصحة النوم في السعودية، حيث أبلغ أكثر من 21٪ من السكان عن أعراض تتوافق مع الأرق. وقد قاد هذه الدراسة كل مجموعة من الباحثين السعوديين، استنادًا إلى بيانات من مسح شريك للصحة والتغذية لعام 2024، وهو مسح وطني واسع النطاق أُجري عبر الهاتف وشمل جميع مناطق المملكة الثلاث عشرة.
كيف أُجريت الدراسة؟
شارك في الدراسة أكثر من 6,000 شخص بالغ تم اختيارهم عشوائيًا من قاعدة بيانات تضم أكثر من 74,000 مشارك. أجرى باحثون مدربون مقابلات هاتفية استغرقت من 8 إلى 10 دقائق، باستخدام أدوات علمية موثوقة ومقننة لتقييم جودة النوم، والصحة النفسية، والشعور العام بالصحة. كما تم استخدام أداة Insomnia-3، وهي أداة قصيرة لكنها فعالة لتحديد حالات الأرق بناءً على مقياس الأرق الشائع عالميًا.
من هم المشاركون؟
كان التوزيع بين الذكور والإناث متقاربًا، وتراوحت أعمار المشاركين بين 18 إلى 90 عامًا. وشملت العينة مشاركين من كل مناطق المملكة، مما وفر صورة شاملة على المستوى الوطني. كما أظهرت البيانات تنوعًا اقتصاديًا واجتماعيًا، حيث أشار نحو ثلث المشاركين إلى أنهم لا يمتلكون مصدر دخل ثابت.
ما أبرز النتائج؟
-
الرضا عن النوم: أفاد حوالي نصف المشاركين بأنهم "أحيانًا فقط" أو "غير راضين" عن جودة نومهم.
-
انتشار الأرق: 21.6٪ من المشاركين ظهرت عليهم أعراض الأرق.
-
القلق والتأثير اليومي: ربع المشاركين تقريبًا كانوا "قلقين بدرجة متوسطة إلى شديدة" بشأن نومهم، و34٪ أكدوا أن مشاكل النوم تؤثر على حياتهم اليومية.
-
الصحة العامة: الأرق كان أكثر شيوعًا بين من صنفوا صحتهم بأنها "سيئة" أو "متوسطة" (بنسبة 37.5٪)، مقارنة بـ10.8٪ فقط بين من اعتبروا صحتهم "جيدة جدًا" أو "ممتازة".
ماذا عن الصحة النفسية؟
رغم أن معدلات الاكتئاب والقلق كانت منخفضة (2.7٪ و1٪ على التوالي)، إلا أن الدراسة عززت العلاقة الواضحة بين جودة النوم والصحة النفسية. فالنوم الجيد ليس رفاهية، بل ضرورة للصحة النفسية والجسدية.
لماذا تهمنا هذه النتائج؟
غالبًا ما يتم تجاهل النوم في النقاشات الصحية العامة، رغم كونه عنصرًا أساسيًا للصحة. ومع ظهور الأرق لدى أكثر من واحد من كل خمسة سعوديين، تشير الدراسة إلى ضرورة تعزيز التوعية بالتدخل المبكر، خصوصًا لدى الأفراد الذين يعانون من مشكلات صحية عامة.
فهم الأرق وجودة النوم
الأرق هو أحد أكثر اضطرابات النوم شيوعًا عالميًا، ويتسبب بصعوبات في النوم أو في الاستمرار بالنوم. وقد ربطته دراسات علمية بمشاكل صحية مزمنة مثل أمراض القلب، والسكري، وارتفاع ضغط الدم، والقلق، والاكتئاب. حتى الاضطرابات الخفيفة في النوم قد تؤثر على الذاكرة، والإنتاجية، ونوعية الحياة بشكل عام.
تشير أبحاث دولية، مثل دراسة هيرتنشتاين وزملائه، إلى أن الأرق لا يزيد فقط من احتمالية الإصابة بالاضطرابات النفسية، بل قد يفاقم من أعراضها. ومع توجه المملكة نحو تعزيز الصحة الوقائية، فإن فهم طبيعة الأرق ومدى انتشاره هو خطوة محورية في تطوير تدخلات فعالة ومستندة إلى الأدلة.
لماذا تختلف نتائج هذه الدراسة عن دراسات سابقة؟
معدل الأرق في هذه الدراسة كان أقل بكثير مقارنة بأبحاث سابقة في السعودية. مثلًا:
-
دراسة أُجريت في الرياض باستخدام معايير DSM-5 سجلت نسبة أرق بلغت 40٪.
-
دراسة في منطقة عسير باستخدام مقياس أثينا للأرق سجلت نسبة 60.1٪.
-
دراسات أخرى باستخدام مؤشر جودة النوم (PSQI) وصلت إلى 76٪ في العيادات.
السبب وراء هذا التفاوت يعود إلى اختلاف الفئات المستهدفة وأدوات القياس. فقد ركزت الدراسات السابقة على مجموعات معرضة للخطر، مثل المرضى أو كبار السن أو زوار العيادات، بينما اعتمدت هذه الدراسة على عينة عشوائية وشاملة من عامة السكان.
نحو نوم أفضل وصحة أفضل في السعودية
رغم أن النتائج تقدم صورة إيجابية نسبيًا، إلا أنها تُظهر أيضًا أن هناك شريحة مهمة من السكان تعاني من مشكلات في النوم. توفر هذه الدراسة بيانات وطنية دقيقة تشكل أساسًا علميًا لوضع استراتيجيات صحية فعالة ومناسبة ثقافيًا لتحسين جودة النوم في المجتمع السعودي.
ومع تقدم المملكة نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 في المجال الصحي، يجب أن يحظى النوم بالاهتمام الذي يستحقه كركيزة أساسية في بناء مجتمع صحي. فعندما ينام المجتمع جيدًا، يفكر بوضوح، ويعيش بصحة، ويحلم بشكل أكبر.
تمت ترجمة المقال باللغة العربية من Methodologists
لإثراء المحتوى العربي
المصدر: